السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا شرح لمعة الأعتقاد للشيخ يوسف الغفيص حفظه الله تعالى
السلسلة مسموعه
http://audio.islamweb.net/audio/inde...&read=0&lg=654قال الشيخ يوسف الغفيص :
لمعة الاعتقاد للإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله من الرسائل المهمة في
تحقيق عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد بدأها المصنف بمقدمة قرر فيها مسألة
الربوبية، ثم ذكر عقيدة أهل السنة في صفات الله تعالى، مستدلاًعلى ذلك
بجملة من الآيات والأحاديث الدالة على إثبات الصفات، وقد ذكر هذه المسألة
لكثرة المخالفين لأهل السنة فيها، من جهمية، ومعتزلة، وأشعرية، وماتريدية،
ونحوهم من الفرق الضالة. ثم ذكر رحمه الله عقيدة أهل السنة في مسائل
الاعتقاد الأخرى؛ كالقضاء والقدر، والإيمان، واليوم الآخر، وأشراط الساعة،
وغيرها من المسائل.??
?مقدمة شرح لمعة الاعتقاد
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى
بالله شهيداً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً
عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً. ثم أما
بعد: فهذا البحث في تقرير مسائل على كتاب الموفق في مسائل أصول الدين،
وبين يدي هذه الرسالة ذكرٌ شيء من شأن مصنفها، ونبذة عن أتباع المذاهب
الأربعة في تقرير مسائل أصول الدين. ......
التعريف بالمؤلف
هو الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي ، المعروف بـ(
الموفق )، وبابن قدامة ، وهذا نسب اشتهر به جملة من أهل العلم من هذا
البيت وجلهم من الحنابلة، وهذا الإمام يعد من كبار أصحاب الأئمة الأربعة،
وهو حنبلي المذهب، وإذا ذُكر من جاء بعد عصر الأئمة، فإن من كبار أعيان
علماء المسلمين هو هذا الإمام، فهو إمام واسع من جهة: مسائل أصول الدين،
وأصول الشريعة، ومسائل الفروع. وإذا نظرت في كتابه الذي وضعه في الفقه
المقارن -وهو الكتاب المعروف بـ(المغني)، والذي شرح فيه الموفق "مختصر
الخرقي" في الفقه الحنبلي- إذا نظرت في هذا الكتاب، عرفت ما لهذا الإمام
من عظيم الشأن، وكذلك ما كتبه في مسائل أصول الفقه في الروضة، مما اختصره
من كتاب المستصفى لأبي حامد الغزالي . فهذا الإمام على سعة من العلم
بالفقه والسنن والآثار، فضلاً عما له من التحقيق في مسائل أصول الدين.
تفاوت أتباع الأئمة الأربعة في تقرير مسائل الأصول
إن المنتسبين إلى الأئمة الأربعة، الذين استقرت مذاهبهم في جمهور أمصار
المسلمين -وهم: أبو حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد - المتمذهبين بمذاهبهم
في فقه الشريعة؛ هم في مسائل أصول الدين على طبقات: فهم المحققون لطريقة
المتقدمين من الأئمة، وهم الذين وافقوا الأئمة في مسائل أصول الدين،
وحققوا طريقتهم، كأبي عمر ابن عبد البر في المالكية، أو كابن كثير في
الشافعية، ومن هؤلاء في الحنابلة الموفق بن قدامة رحمه الله ، فإنه -كما
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما ذكر أصحاب الأئمة-: من المنتحلين
لطريقة الأئمة على التحقيق في مسائل الأصول. وطبقة أخرى من أتباع الأئمة
الأربعة -ممن ينتسب إلى الشافعي أو مالك أو أبي حنيفة أو أحمد - مائلة إلى
علم الكلام أو منتحلة لشيء من طرقه؛ فهناك طائفة من فقهاء الحنفية معتزلة،
وأكثر فقهاء الحنفية على مذهب أبي منصور الماتريدي ، وإنما كان ذلك؛ لأن
أبا منصور الماتريدي نفسه كان حنفي المذهب، وطائفة من الحنفية أشاعرة محضة
على طريقة المتكلمين من الأشاعرة، وكذلك الشافعية، فإن كثيراً من متأخريهم
أشاعرة؛ لأن أبا الحسن رحمه الله إمام الأشعرية كان شافعي المذهب، وكذلك
المالكية أكثرهم أشاعرة. أما الحنابلة فهم من أبعد الطوائف الفقهية الأربع
عن علم الكلام، ومع ذلك فإن طائفة من علمائهم المتأخرين تأثروا بعلم
الكلام؛ كأبي الوفاء ابن عقيل ؛ فإنه درس في مطلع أمره على بعض شيوخ
المعتزلة؛ كأبي علي بن الوليد ، وأبي القاسم بن التبان المعتزليين، وكانا
من أصحاب أبي الحسين البصري الحنفي، وإن كان ابن عقيل رحمه الله رجع عن
طريقته هذه، وكتب: الانتصار لأهل الحديث. فالمقصود: أن أصحاب الأئمة
الأربعة ليسوا شأناً واحداً، فمنهم المتمسك بآثار السابقين الموافق لطريقة
الأئمة والسلف، ومنهم من تأثر بشيء من علم الكلام، أو انتحل شيئاً من طرقه
المذمومة، ومنهم من هو بين ذلك، كما هي طريقة جماعة من شراح الحديث، الذين
شرحوا الصحيحين والسنن وغيرها، فترى أن طائفة من هؤلاء عندهم مادة من
التحقيق على طريقة السلف، وعندهم مادة من التأثر ببعض أصحابهم، فلا يلزم
أن الواحد من الفقهاء لابد أن يضاف إلى مذهب معين. وإذا أردت الإجمال فإنه
يصح أن يقال: إن الجمهور من أتباع الأئمة الأربعة منتسبون للسنة والجماعة،
معظمون لطريقة السلف، وإن كانوا في تحقيقها على درجات، وأما من انفك عن
طريقة السلف انفكاكاً مطلقاً، فإنهم قلة ممن انتسب لمذهب المعتزلة من
فقهاء الأحناف، وإنما يقال ذلك؛ لأن سائر الأشاعرة ينتسبون لأهل السنة
والجماعة، وكذلك سائر الماتريدية ينتسبون لأهل السنة والجماعة، وإن كان
الانتساب وحده لا يكون كافياً، فإن الاعتبار في ذلك إنما هو بتحقيق
المسائل؛ لا بمجرد الانتساب إلى مذهب من هذه المذاهب. فالمتحصل من هذا: أن
أتباع الأئمة الأربعة من الفقهاء ليسوا على طريقة واحدة في مسائل أصول
الدين، فمنهم المحقق، ومنهم دون ذلك، ومنهم المنتحل لمذهب تظهر في كثير من
مسائله وأصوله المخالفة لطريقة السلف.
التعريف بالرسالة
وأما هذه الرسالة -وهي اللمعة في الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد- فهي
رسالة فاضلة، جامعة لجملة من مسائل أصول الدين التي تنازع فيها أهل
القبلة، وإذا ذكر أهل القبلة فالمراد بهم: سواد المسلمين من أهل السنة
وغيرهم. وقد ذكر فيها المؤلف رحمه الله في رسالته هذه جملة من مسائل أصول
الدين على طريقة مقاربة لطريقة الأئمة السالفين، حيث ذكر جملاً من أقوال
السلف والأئمة، فضلاً عما يذكره من الدلائل الشرعية من كلام الله ورسوله
صلى الله عليه وآله وسلم. والرسالة الواسطية المعروفة لشيخ الإسلام ابن
تيمية قد وضعها الإمام ابن تيمية ، على محاكاة هذه الرسالة للموفق ، وإن
كان شيخ الإسلام قد استظهر فيها أكثر في باب الاستدلال بالنصوص، وزاد
عليها جملاً وأصولاً، كمسألة العلو والقدر فإنه أطال فيهما وفصل أكثر من
الموفق رحمه الله. وقد وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله معظماً لأبي
محمد الموفق ، حتى أنه قال: (لم يدخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من أبي محمد
). فالمحصل: أن الفرق بين الرسالتين: (الواسطية واللمعة) ربما يتحقق في أن
كلام الإمام ابن تيمية أكثر تفصيلاً، بخلاف الموفق فإن في كلامه إجمالاً،
وإن كان إجمالاً لا ينقطع عن التفصيل والبيان في موضع آخر.
يتابع إن شاء الله