[]السؤال : سمعت أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أباح أكل
الضفدع والتمساح ، فهل هذا صحيح ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
سيكون الكلام في هذا الجواب لبيان قول الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله في حكم أكل الضفدع والتمساح ، وليس المراد من
الجواب هو بيان أقوال العلماء والراجح منها .
ثانياً :
جاء في إباحة حيوان البحر قوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ
وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً
) المائدة/96 .
وجاء في النهي عن قتل الضفدع : (أَنَّ طَبِيبًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا) رواه أبو داود ( 3871 ) ، وصححه
الألباني في " صحيح أبي داود " .
وقد نقل عن الشيخ ابن عثيمين ما قد يُفهم منه أنه يبيح أكل
الضفدع والتمساح ، وهو ما ورد في فتاوى "نور على الدرب"
قال رحمه الله :
"صيد البحر كله حلال حتى للمحرمين ، يجوز لهم أن يصطادوا
في البحر ؛ لقول الله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً
لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ) فصيد البحر
: هو ما أُخذ حيّاً ، وطعامه : ما وُجد ميتاً ، وظاهر الآية الكريمة
( أحل لكم صيد البحر ) ظاهرها : أنه لا يستثنى من ذلك شيء ؛
لأن صيد اسم مفرد مضاف ، والمفرد المضاف يفيد العموم ، كما
في قوله تعالى : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا ) ؛ فإن "
نعمة " مفرد هنا ، ولكن المراد بها العموم ، وهذا القول هو
الصحيح الراجح أن صيد البحر كله حلال لا يستثنى منه شيء ،
واستثنى بعض أهل العلم من ذلك : الضفدع ، والتمساح ، والحيَّة
، وقال : إنه لا يحل أكلها ، ولكن القول الصحيح العموم ، وأن
جميع حيوانات البحر حلال ، حيهُ وميتهُ" انتهى .
" فتاوى نور على الدرب " ( شريط : 129 ، وجه : أ ) .
والشيخ هنا يتكلم عن صحة الاستثناء من الآية ، ويبين أن
الصواب أنه لا يستثنى شيء ، ولا يقصد تقرير إباحة أكل
الضفدع ، لأن له كلاماً آخر صريحاً أن الضفدع ليس من
حيوانات البحر ، وإنما هي من البرمائيات ، وعلى هذا ؛ فلا
تكون داخلة في الآية من الأصل ، وهذه بعض النقول عن الشيخ
رحمه الله تؤيد ما قلناه :
1- قال رحمه الله - بعد ترجيح جواز أكل التمساح وحية البحر
- : "فالصواب : أنه لا يستثنى من ذلك شيء ، وأن جميع
حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في الماء حلال ، حيّها ، وميتها
؛ لعموم الآية الكريمة التي ذكرناها من قبل - يعني : قوله تعالى
: ( أحل لكم صيد البحر وطعامه )" انتهى.
" الشرح الممتع " ( 15 / 35 ) .
2- وفي " فتاوى إسلامية " ( 3 / 388 ) .
"وأما الحيوانات البحرية : فكلها حلال ، صغيرها وكبيرها
؛ لعموم قوله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم
وللسيارة ) ، فصيده : ما أخذ ، وطعامه ما وجد ميتاً ، هكذا جاء
تفسيرها عن ابن عباس وغيره ؛ ولقول النبي صلى الله عليه
وسلم في البحر : ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) .
ولا يستثنى مما في البحر شيء ، فكل ما فيه حلال لعموم الآية
والحديث ، واستثنى بعض العلماء الضفدع والتمساح والحية ،
والراجح أن كل ما لا يعيش إلا في البحر حلال ، والله أعلم"
انتهى .
فهو هنا يؤكد على حل حيوانات البحر ، ويعرفها بأنها " ما لا
يعيش إلا في البحر " ، ولا يتكلم رحمه الله عما استثني وهو من
" البرمائيات " .
3- وفي " شرح بلوغ المرام " ( كتاب الأطعمة ، شريط رقم
2 ) – بعد أن ذكر حديث استئذان الطبيب في استعمال الضفدع
في العلاج قال :
"الضفدع : دويبة معروفة ، تعيش في البر ، وتعيش في الماء
، وهذا الطبيب سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها ليجعلها
دواء ، فنهى عن قتلها ، وإذا نهى عن قتلها : صارت حراماً ؛
لأنه من القواعد المقررة : "أن من طرق تحريم الحيوانات : ما
أُمر بقتله ، أو ما نُهيَ عن قتله" ، وعلى هذا : فيكون الضفدع
حراماً ، لا يجوز قتله" انتهى .
4- وسئل : ما حكم أكل الضفدع والحية والسرطان ؟ .
فأجاب :
"عموم قول الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ
وَلِلسَّيَّارَةِ ) المائدة/ 96 : يوجب الحل ، لكن " الضفدع " ليس
بحريّاً ، الضفدع : مائيّ ، بريّ ، فلا يدخل في هذا" انتهى .
شريط " لقاءات الباب المفتوح " ( 112 / الوجه : ب ) .
5- وقال رحمه الله في " الشرح الممتع " ( 15 / 34 ) :
" الضفدع في الواقع : بري ، بحري ، إذاً ليس هو من حيوان
البحر ؛ لأن حيوان البحر هو الذي لا يعيش إلا في الماء "
انتهى .
6- وسئل رحمه الله : هل لحم التمساح والسلحفاة حلال أم حرام
؟ لأن هذه كلها عندنا في السودان ، أفيدونا بارك الله فيكم .
فأجاب :
"كل صيد البحر حلال ، حيُّه ، وميتُه ، قال الله تعالى : ( أحل
لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة ) قال ابن عباس
رضي الله عنهما : صيد البحر : ما أخذ حيّاًَ ، وطعامه : ما وُجد
ميتاً ، إلا أن بعض أهل العلم استثنى " التمساح " ، وقال : إنه
من الحيوانات المفترسة ، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام
نهى عن كل ذي ناب من السباع من وحوش البر : فإن هذا أيضاً
محرم ، ولكن ظاهر الآية الكريمة التي تلوتها : أن الحل شامل
للتمساح" انتهى .
" نور على الدرب " ( شريط 137 ، وجه : أ ) .
وقد رَدَّ الشيخ رحمه الله على من حرم التمساح لأنه ذو ناب من
السباع ، بأن هذا إنما هو في سباع البر ، أما سباع البحر فلها
حكم آخر ، ولهذا فإن سمك القرش يجوز أكله ، مع أنه له ناباً
يفترس به .
7 - فقال رحمه الله :
"وقوله : " التمساح " : فهذا – أيضاً – يحرم ، ولو كان من
حيوان البحر ، قال في " الروض " : " لأنه ذو ناب يفترس به
" .
فهل هذا صحيح ؟ .
الجواب : نعم ، لكنه ليس من السباع ، ولهذا ليس ما يحرم في
البر يحرم نظيره في البحر ، فالبحر شيء مستقل ، حتى إنه
يوجد غير التمساح مما له ناب يفترس به ، مثل : " القِرش "
... .
والحاصل : أنه توجد أشياء تقتل ، ومع ذلك فإنها حلال ، وعليه
: فإننا نقول : الصحيح أنه لا يُستثنى " التمساح " ، وأنه
يؤكل" انتهى .
" الشرح الممتع " ( 15 / 34 ، 35 ) .
وقد رجح جماعة من علمائنا المعاصرين حل أكل التمساح ، منهم
:
علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (22/185) ، والشيخ عبد العزيز
بن باز رحمه الله (23/34) .
والخلاصة :
أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى أن أكل التمساح حلال ،
وأن أكل الضفدع حرام ، وأن التمساح داخل في عموم آية المائدة
، وأن الضفدع جاء النهي عن قتله صحيحاً في السنَّة .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
[/b][b][/font][right][/size]